بعد المهندس يحيى عياش مؤسس كتائب عز الدين القسام والذي اغتالته حكومة شمعون بيريس عام 1996 انتقل محمد ضيف ليصبح هو الخليفة الشرعي لقيادة كتائب عز الدين القسام وهو الخبير الذي تلقن دروس تجهيز الاحزمة الناسفة للاستشهاديين الذين يفجرون انفسهم وسط الاسرائيليين .
وتعتبر رسالة محمد ضيف التي وجهها بمناسبة الانتصار في غزة مناسبة لاعادة تسليط الضوء على "الرأس المدبر " وهو اللقب الذي تطلقه المخابرات الاسرائيلية على القائد في "كتائب عز الدين القسام" محمد ضيف (40 عاما)، الذي تولى قيادة الجناح العسكري لحركة حماس واصبح القائد العام للقسام خليفة للشهيد الشيخ صلاح شحادة.
وعلى مدار سنوات عمره نجح محمد ضيف غير مرة في الإفلات من المخططات والمحاولات الاستخبارية المتعددة لاغتياله واثبت انه قادر على البقاء لعدة اشهر في مكان واحد ولا يستعمل الاجهزة الخلوية او الاتصالات الهاتفية مطلقا ولا يتعامل الا مع حلقة ضيقة جدا من القساميين .
وأبرز محاولات اغتياله تلك التي نجا فيها مع خبير المتفجرات الاول في حماس عدنان الغول عندما قصفت المروحيات قافلة السيارات التي كان موجود في إحداها. غير أنه نجح في المراوغة فيما استشهد بلال الغول الذي فداه بنفسه .
وتعود اصول عائلة محمد دياب إبراهيم المصري الشهير بـ "محمد ضيف" لأسرة فلسطينية لاجئة من قرية حمامة في اراضي الـ 48 لتعيش رحلة التشرد في مخيمات اللاجئين قبل أن تستقر في مخيم خانيونس حيث نشأ محمد .
وعرف ضيف طريق المساجد مبكراً، وشكلت مساجد بلال والشافعي والرحمة المحاور الثلاثة التي صقلت فيها شخصيته، حتى بات من قيادات العمل الإسلامي والنشاط الدعوي، ليصبح في ما بعد خلال دراسته الجامعية من أبرز ناشطي الكتلة الإسلامية في الجامعة الإسلامية في غزة.
اندلاع الانتفاضة الاولى عام 1987 كانت فرصة لانخراط ضيف في صفوفها وكان حاضرا في كل الميادين. وفي بداية التسعينيات ومع ظهور "كتائب الشهيد عز الدين القسام" كتشكيل عسكري لحركة حماس كان ضيف في الطليعة الأولى جنباً إلى جنب مع ياسر النمروطي ومحمد وادي وغيرهما. غير أنه استطاع وعلى مدى عامين أن يبقى مجهولاً كناشط عسكري إلى ما بعد اتفاقات اوسلو عام 1993 حيث عرف كقائد في القسام خلال محاولاته الاصلاح بين فتح وحماس
المطلوب رقم"1"
ومنذ تلك اللحظات بدأت رحلة من المطاردة استطاع خلالها بعقليته الفذة وملكاته القيادية من التغلب على واحد من أقوى مخابرات العالم، والنجاح في الإفلات من محاولات الاعتقال والاختطاف والاغتيال
وتعترف أجهزة الامن الاسرائيلية أنها بذلت جهوداً مضنية في السنوات الاخيرة في مطاردة ضيف الذين أعلنوا اسمه مراراً كمطلوب رقم واحد وعدّ بين اخطر المطلوبين من رجال المقاومة الفلسطينية.
واستناداً إلى القصاصات والأخبار التي تنشرها الصحف العبرية عن هذا الرجل فإن له ـ في يد المخابرات الاسرائيلية ـ ملفاً مكوناً من آلاف الأوراق يتضمن كل صغيرة وكبيرة حول شكله والأماكن المتوقعة لوجوده وذلك في محاولة اعلامية اسرائيلية لسد العجز في الوصول اليه .
واخطر التهم الموجهة اليه هي اشرافه وتخطيطه لاسر وقتل الجنود الاسرائيليين الثلاثة اواسط التسعينيات وهم "ناخشون فاكسمان" و"شاهر سيماني" و"آريه انتكال".
خطورة هذا الرجل جعلت اعتقاله جزءا من صفقة سابقة بين السلطة الفلسطينية والاسرائيلية تنص على قيام الأولى باعتقاله مقابل ان يعطيها الثاني سيطرة امنية على ثلاث قرى في القدس المحتلة. وبالفعل اعتقلت السلطة محمد ضيف وأدخل السجن في بداية شهر أيار/مايو من العام 2000، لكنه تمكن من الافلات من سجانيه في بداية الانتفاضة الحالية واختفت أخباره منذ ذلك اليوم، فيما سجل ظهوره على فترات متباعدة وفي حالات نادرة مثل وداع القائد شحادة.
وبرز دوره كقيادي بارز لـ "كتائب القسام" بعد استشهاد القائد الشهيد عماد عقل حيث تسلم مسؤولية الجهاز العسكري لحركة حماس، وكان له دور كبير في قيادة قطاع واسع من الجناح جنباً إلى جنب مع مؤسس أول جناح عسكري لحماس في الأراضي الفلسطينية حيث كان الشيخ صلاح شحادة داخل السجون.
وكان محمد الضيف أبرز قادة الجهاز العسكري في حركة حماس قد نجا من محاولة اغتيال تعرض لها يوم الخميس 26 / 9 / 2002 عندما قصفت مروحيات اسرائيلية سيارته في حي الشيخ رضوان بغزة ، وأدت الغارة إلى استشهاد اثنين من مساعديه ، وإصابة عدد من الفلسطينيين .